سُئل الإمامُ ابنُ حجرٍ الهَيْتَمِيُّ المكّيُّ -رحمه الله- :
" عن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (يُقالُ لصاحب القرآن يوم القيامة : اقرأْ وَارْقَ ورتِّلْ كما كنتَ ترتّلُ في الدنيا ؛ فإن منزِلَتَكَ عند آخِرِ آية) . مَن المخصوص بهذه الفضيلة ؟ هل هو مَن يحفظ القرآن في الدنيا عن ظَهْر قلْبه ومات كذلك ، أم ما يستوي فيه هو ومَن يقرأ في المصحف ؟ " .
-----------------------------------------------------------------
* الجواب *
"الخبر المذكور خاصٌّ بِمَن يحفظُه عن ظَهْر قلْبٍ ، لا بِمَن يقرأ بالمصحف ؛ لأن مجرّد القراءة في الخطّ لا يختلف الناس فيها ولا يتفاوَتُون قِلَّةً وكَثْرة ، وإنما الذي يتفاوَتُون فيه كذلك هو الحفظ عن ظَهْر قلْب ، فـلِهذا تفاوتَت منازلُهم في الجنة بحسب تفاوُت حِفظِهم.
ومما يؤيّد ذلك أيضًا: أنّ حفظَ القرآن عن ظَهْر قلْبٍ فرضُ كفايةٍ على الأمّة ، ومجرّدُ القراءة في المصحف مِن غير حفظٍ لا يسقُطُ بها الطلَب ، فلَيس لها كبيرُ فضْلٍ كـفضْل الحفظ ؛ فتعيّن أنه -أعني الحفظ عن ظَهْر قلبٍ- هو المراد في الخبر ، وهذا ظاهرٌ مِن لفظ الخبر بأدنى تأمُّل ، وقوْلُ الملائكة له: (اقرأْ وَارْقَ) صريحٌ في حفظِه عن ظَهْر قلْبٍ كما لا يَخفَى" .
** المصدر: الفتاوى المتعلقة بالقرآن الكريم لمدارس وطلاب الحلقات القرآنية ؛ جمْع وتحقيق: د. محمد موسى الشريف ، صـ(28) .